فصل: تفسير الآيات (11- 16):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (85- 87):

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)}
{وَفْداً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ركباناً، قاله الفراء.
الثاني: جماعة، قاله الأخفش.
الثالث: زوّاراً، قاله ابن بحر.
قوله عز وجل: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مشاة، قاله الفراء.
الثاني: عطاشاً.
الثالث: أفراداً.
{إلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحَمنِ عَهْداً} فيه وجهان:
أحدهما:...

.تفسير الآيات (88- 95):

{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}
{شَيْئاً إِدّاً} فيه وجهان:
أحدهما: منكراً، قاله ابن عباس.
الثاني: عظيماً، قاله مجاهد. قال الراجز:
في لهث منه وحبك إدّ...

.تفسير الآيات (96- 98):

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمنُ وُدّاً} فيه وجهان:
أحدهما: حباً في الدنيا مع الأبرار، وهيبة عند الفجار.
الثاني: يحبهم الله ويحبهم الناس، قال الربيع بن أنس: إذا أحب الله عبداً ألقى له المحبة في قلوب أهل السماء، ثم ألقاها في قلوب أهل الأرض.
ويحتمل ثالثاً: أن يجعل لهم ثناء حسناً. قال كعب: ما يستقر لعبد ثناء في الدنيا حتى يستقر من أهل السماء. وحكى الضحاك عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه جعل له ودّاً في قلوب المؤمنين.
قوله عز وجل: {قَوْماً لُّدّاً} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: فجّاراً، قاله مجاهد.
الثاني: أهل إلحاح في الخصومة، مأخوذ من اللدود في الأفواه، فلزومهم الخصومة بأفواههم كحصول اللدود في الأفواه، قاله ابن بحر.
قال الشاعر:
بغوا لَدَدَي حَنقاً عليَّ كأنما ** تغلي عداوة صدرهم في مِرجل

الثالث: جدالاً بالباطل، قاله قتادة، مأخوذ من اللدود وهو شديد الخصومة. قال الله تعالى: {وَهُوَ الْخِصَامِ} وقال الشاعر:
أبيت نجياً للهموم كأنني ** أخاصم أقواماً ذوي جدلٍ لُدّا

قوله عز وجل: {وِكْزَاً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: صوتاً، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك.
الثاني: حِسّاً، قاله ابن زيد.
الثالث: أنه ما لا يفهم من صوت أو حركة، قاله اليزيدي.

.سورة طه:

.تفسير الآيات (1- 8):

{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)}
قوله عز وجل: {طه} فيه سبعة أقاويل:
أحدها: أنه بالسريانية يا رجل؛ قاله ابن عباس، ومجاهد، وحكى الطبري: أنه بالنبطية يا رجل؛ وقاله ابن جبير، والسدي كذلك.
وقال الكلبي: هو لغة عكل، وقال قطرب: هو بلغة طيئ وأنشد ليزيد بن مهلهل:
إن السفاهة (طه) من خليقتكم ** لا قدس الله أرواح الملاعين

الثاني: أنه اسم من أسماء الله تعالى وَقَسَمٌ أَقْسَمَ بِِهِ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
الثالث: أنه اسم السورة ومفتاح لها.
الرابع: أنه اختصار من كلام خص الله رسوله بعلمه.
الخامس: أن حروف مقطعه يدل كل حرف منها على معنى.
السادس: معناه: طوبى لمن اهتدى، وهذا قول محمد الباقر بن علي زين العابدين رحمهما الله.
السابع: معناه طَإِ الأَرْضَ بقدمك، ولا تقم على إحدى رجليك يعني في الصلاة، حكاه ابن الأنباري.
ويحتمل ثامناً: أن يكون معناه طهّر، ويحتمل ما أمره بتطهيره وجهين:
أحدهما: طهر قلبك من الخوف.
والثاني: طهر أُمَّتَك من الشرك.
قوله تعالى: {مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْْءَانَ لِتَشْقَى} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بالتعب والسهر في قيام الليل، قاله مجاهد.
الثاني: أنه جواب للمشركين لما قالواْ: إنه بالقرآن شقى، قاله الحسن.
الثالث: معناه لا تشْقِ بالحزن والأسف على كفر قومك، قاله ابن بحر.
قوله تعالى: {إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى} فيه وجهان:
أحدهما: إلا إنذاراً لمن يخشى الله.
والثاني: إلا زجراً لمن يتقي الذنوب.
والفرق بين الخشية والخوف: أن الخوف فيما ظهرت أسبابه والخشية فيما لم تظهر أسبابه.
قوله عز وجل: {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: له ملك السموات والأرض.
الثاني: له تدبيرها.
الثالث: له علم ما فيها.
وفي {الثَّرَى} وجهان:
أحدها: كل شيء مُبْتلّّ، قاله قتادة.
الثاني: أنه التراب في بطن الأرض، قاله الضحاك.
الثاني: أنها الصخرة التي تحت الأرض السابعة، وهي صخرة خضراء وهي سجِّين التي فيها كتاب الفجار، قاله السدي.
قوله عز وجل: {وَإِن تَجْهَرْ بَالْقَوْلِ} فم حاجتك إلى الجهر؟ لأن الله يعلم بالجهر وبالسر.
{فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأخْفَى} فيه ستة تأويلات:
أحدها: أن (السِّرَّ) ما حدَّث به العبد غيره في السر. (وأَخْفَى) ما أضمره في نفسه، ولم يحدّث به غيره، قاله ابن عباس.
الثاني: أن السر ما أَضمره العبد في نفسه. وأخفى منه ما لم يكن ولا أضمره أحد في نفسه قاله قتادة وسعيد بن جبير.
الثالث: يعلم أسرار عباده، وأخفى سر نفسه عن خلقه، قاله ابن زيد.
الرابع: أن السر ما أسره الناس، وأخفى: الوسوسة، قاله مجاهد.
الخامس: أن السر ما أسره من علمه وعمله السالف، وأخفى: وما يعلمه من عمله المستأنف، وهذا معنى قول الكلبي.
السادس: السر: العزيمة، وما هو أخفى: هو الهم الذي دون العزيمة.

.تفسير الآيات (9- 10):

{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)}
قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} أي قد أتاك حال موسى فيما اجتباه ربه لنبوته وحمله من رسالته. واحتمل ذلك أن يكون ذلك بما قصه عليه في هذا الموضع، واحتمل أن يكون بما عرفه في غيره.
{إِذْ رَءَا نَاراً} وكانت عند موسى ناراً، وعند الله نوراً، قال مقاتل: وكانت ليلة الجمعة في الشتاء.
{فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُواْ} أي أقيموا. والفرق بين المكث والإقامة أن الإقامة تدوم والمكث لا يدوم.
{إِنِّي أَنَسْتُ نَاراً} فيه وجهان:
أحدهما: رأيت ناراً.
والثاني: إني آنست بنار.
{لَّعَلِّي ءَآتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ} أي بنار تصطلون بها.
{أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً} فيه وجهان:
أحدهما: هادياً يهديني الطريق، قاله قتادة.
والثاني: علامة أستدل بها على الطريق. وكانوا قد ضلوا عنه فمكثوا بمكانهم بعد ذهاب موسى ثلاثة أيام حتى مر بهم راعي القرية فأخبره بمسير موسى، فعادوا مع الراعي إلى قريتهم وأقامواْ بها أربعين سنةً حتى أنجز موسى أمر ربه.

.تفسير الآيات (11- 16):

{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)}
قوله تعالى: {فلمَّآ أتَاهَا} يعني النار، التي هو نور {نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ} وفي هذا النداء قولان:
أحدهما: أنه تفرد بندائه.
الثاني: أن الله أنطق النور بهذا النداء فكان من نوره الذي لا ينفصل عنه، فصار نداء منه أعلمه به ربه لتسكن نفسه ويحمل عنه أمره فقدم تأديبه بقوله: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} الآية. وفي أمرْه بخلعهما قولان:
أحدهما: ليباشر بقدميه بركة الوادي المقدس، قاله علي بن أبي طالب، والحسن، وابن جريج.
والثاني: لأن نعليه كانتا من جلد حمار ميت، قاله كعب، وعكرمة، وقتادة.
{إِنَكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} فيه وجهان:
أحدهما: أن المقدس هو المبارك، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أنه المطهر، قاله قطرب، وقال الشاعر:
وأنت وصول للأقارب مدره ** برئ من الآفات من مقدس

وفي {طُوىً} خسمة تأويلات:
أحدها: أنه اسم من طوى لأنه مر بواديها ليلاً فطواه، قاله ابن عباس.
الثاني: سمي طوى لأن الله تعالى ناداه مرتين. وطوى في كلامهم بمعنى مرتين، لأن الثانية إذا أعقبتها الأولى صارت كالمطوية عليها.
الثالث: بل سمي بذلك لأن الوادي قدس مرتين، قاله الحسن.
الرابع: أن معنى طوى: طَإِ الوادي بقدمك، قاله مجاهد.
الخامس: أنه الاسم للوادي قديماً، قاله ابن زيد:
فخلع موسى نعليه ورمى بهما وراء الوادي.
قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: وأقم الصلاة لتذكرني فيها، قاله مجاهد.
والثاني: وأقم الصلاة بذكري، لأنه لا يُدْخَلُ في الصلاة إلا بذكره.
الثالث: وأقم الصلاة حين تذكرها، قاله إبراهيم. وروى سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ صَلاَةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَلاَةَ لِذَكرِي}.
قوله تعالى: {أكَادُ أُخْفِيهَا} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أي لا أظهر عليها أحداً، قاله الحسن، ويكون أكاد بمعنى أريد.
الثاني: أكاد أخفيها من نفسي، قاله ابن عباس ومجاهد، وهي كذلك في قراة أُبَيّ {أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي} ويكون المقصود من ذلك تبعيد الوصول إلى علمها. وتقديره: إذا كنت أخفيها من نفسي فكيف أظهرها لك؟
الثالث: معناه أن الساعة آتية أكاد. انقطع الكلام عند أكاد وبعده مضمر أكاد آتي بها تقريباً لورودها، ثم استأنف: أخفيها لتجزى كل نفسٍ بما تسعى. قاله الأنباري، ومثله قول ضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ** تكرت على عثمان تبكي حلائله

أي كدت أن أقتله، فأضمره لبيان معناه.
الرابع: أن معنى-أخفيها: أظهرها، قاله أبو عبيدة وأنشد:
فإن تدفنوا الداءَ لا نخفيه ** وأن تبعثوا الحرب لا نقعد

يقال أخفيت الشيء أي أظهرته وأخفيته إذا كتمته، كما يقال أسررت الشيء إذا كتمته، وأسررته إذا أظهرته.
وفي قوله: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ} وجهان:
أحدهما: أسر الرؤساء الندامة عن الأتباع الذي أضلوهم. والثاني: أسر الرؤساء الندامة. قال الشاعر:
ولما رأى الحجاج أظهر سيفه ** أسر الحروري الذي كان أضمرا

{لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} فيه وجهان:
أحدهما: أنه على وجه القسم من الله، إن كل نفس تجزى بما تسعى.
الثاني: أنه إخبار من الله أن كل نفس تجزى بما تسعى.
قوله عز وجل: {فَتَرْدَى} فيه وجهان: أحدهما: فتشقى.
الثاني: فتنزل.